سورة الصافات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} من قوة وقدرة فنقهركم على متابعتنا، {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ} ضالين.
{فَحَقَّ} وجب، {عَلَيْنَا} جميعا، {قَوْلُ رَبِّنَا} يعني: كلمة العذاب، وهي قوله: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [السجدة- 13] {إِنَّا لَذَائِقُونَ} العذاب، أي: أن الضال والمضل جميعا في النار.
{فَأَغْوَيْنَاكُم} فأضللناكم عن الهدى ودعوناكم إلى ما كنا عليه {إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ} ضالين. قال الله عز وجل: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} الرؤساء والأتباع.
{إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} قال ابن عباس: الذين جعلوا لله شركاء.
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} يتكبرون عن كلمة التوحيد، ويمتنعون منها. {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} يعنون النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله عز وجل ردا عليهم: {بَلْ جَاءَ} محمد، {بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} أي: أنه أتى بما أتى به المرسلون قبله.
{إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الألِيمِ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا من الشرك.
{إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} الموحدين.
{أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ} يعني: بكرة وعشيا كما قال: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [مريم- 62].


{فَوَاكِهُ} جمع الفاكهة، وهي الثمار كلها رطبها ويابسها، وهي كل طعام يؤكل للتلذذ لا للقوت، {وَهُمْ مُكْرَمُونَ} بثواب الله.
{فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} لا يرى بعضهم قفا بعض.
{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ} إناء فيه شراب ولا يكون كأسا حتى يكون فيه شراب، وإلا فهو إناء، {مِنْ مَعِينٍ} خمر جارية في الأنهار ظاهرة تراها العيون.
{بَيْضَاءَ} قال الحسن: خمر الجنة أشد بياضًا من اللبن، {لَذَّة} أي: لذيذة، {لِلشَّارِبِينَ}.
{لا فِيهَا غَوْلٌ} قال الشعبي: لا تغتال عقولهم فتذهب بها. قال الكلبي: إثم. وقال قتادة: وجع البطن. وقال الحسن: صداع.
وقال أهل المعاني: الغول فساد يلحق في خفاء، يقال: اغتاله اغتيالا إذا أفسد عليه أمره في خفية، وخمرة الدنيا يحصل منها أنواع من الفساد منها السكر وذهاب العقل، ووجع البطن، والصداع، والقيء، والبول، ولا يوجد شيء من ذلك في خمر الجنة.
{وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزفُونَ} قرأ حمزة والكسائي: {ينزفون} بكسر الزاي، وافقهما عاصم في الواقعة، وقرأ الآخرون بفتح الزاي فيهما، فمن فتح الزاي فمعناه: لا يغلبهم على عقولهم ولا يسكرون يقال: نزف الرجل فهو منزوف ونزيف، إذا سكر، ومن كسر الزاي فمعناه: لا ينفد شرابهم، يقال: أنزف الرجل فهو منزوف، إذا فنيت خمره.
{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} حابسات الأعين غاضات الجفون، قصرن أعينهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم، {عِينٌ} أي: حسان الأعين، يقال: رجل أعين وامرأة عيناء ونساء عين.
{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ} جمع البيضة {مَكْنُونٌ} مصون مستور، وإنما ذكر المكنون والبيض جمع لأنه رده إلى اللفظ.
قال الحسن: شبههن ببيض النعامة تكنها بالريش من الريح والغبار، فلونها أبيض في صفرة. ويقال: هذا أحسن ألوان النساء أن تكون المرأة بيضاء مشربة صفرة، والعرب تشبهها ببيضة النعامة.


{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} يعني: أهل الجنة في الجنة يسأل بعضهم بعضا عن حاله في الدنيا.
{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ} يعني: من أهل الجنة: {إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} في الدنيا ينكر البعث.
قال مجاهد: كان شيطانًا. وقال الآخرون: كان من الإنس. وقال مقاتل: كانا أخوين. وقال الباقون: كانا شريكين أحدهما كافر اسمه قطروس، والآخر مؤمن اسمه يهوذا، وهما اللذان قص الله تعالى خبرهما في سورة الكهف في قوله تعالى: {واضرب لهم مثلا رجلين} [الكهف- 32].
{يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} بالبعث.
{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} مجزيون ومحاسبون وهذا استفهام إنكار.
{قَالَ} الله تعالى لأهل الجنة: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} إلى النار، وقيل: يقول المؤمن لإخوانه من أهل الجنة: هل أنتم مطلعون إلى النار لننظر كيف منزلة أخي، فيقول أهل الجنة: أنت أعرف به منا.
{فَاطَّلَع} قال ابن عباس: إن في الجنة كوًى ينظر أهلها منها إلى النار فاطلع هذا المؤمن، {فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} فرأى قرينه في وسط النار، وإنما سمي وسط الشيء سواء لاستواء الجوانب منه.
{قَالَ} له: {تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} والله لقد كدت أن تهلكني، قال مقاتل: والله لقد كدت أن تغويني، ومن أغوى إنسانا فقد أهلكه.
{وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي} رحمته وإنعامه عليَّ بالإسلام، {لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} معك في النار.
{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِين * إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى} في الدنيا {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} قال بعضهم: يقول هذا أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت: أفما نحن بميتين؟ فتقول لهم الملائكة: لا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8